2014المرأة الجزائرية

Ads 468x60px

الأحد، 10 أغسطس 2014

المحبة ......شيم الرسول

1)
في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وفي المدينة، قبضوا على اليهودية التي وضعت السم له في الطعام، و أرادوا قتلها وتنفيذ حكم الاعدام العادل فيها. فهي متورطة في قتل نبي المسلمين وحاكم المدينة. لكنه النبي عفا عنها. في سابقة لا تتكرر كثيرا في تاريخ الأمم. وأطلق سراحها ولم ينزل عليها أي عقوبة.

الرواية الأكثر ثبوتا في صحيح مسلم عن أنس، أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك على ذاك، قالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا

ليس المهم هو العفو عن المرأة، لكن الأهم أن النبي كان منفتحا على الجميع. يتحدث إلى النساء، ويقبل الهدايا، ويجلس إلى مائدة طعام أعدتها له امرأة يهودية. فيما يشبه مجتمعا متنوعا به بعض قيم المجتمعات المتمدنة الحديثة، يتحدث فيها النساء الى الرجال ويتبادل أهل أديان مختلفة الهدايا وصنوف الطعام. لزيادة مساحات الألفة والمودة. وليس مجتمعا منغلقا ضيق الأفق لا يعرف إلا الجهامة والكراهية والعنف.

2)
ليس غريبا، تكرر الأمر قبل ذلك مع النبي عليه الصلاة والسلام ولكن هذه المرة مع كفار قريش، في عمرة القضاء عام 7 هـ. . وقصة هذه العمرة ان النبي عندما ذهب الى مكة هو وصحابته العام السابق عام 6 هـ قاصدين البيت الحرام منعتهم قريش وكادت ان تحدث بينهم مشادة تفضي الى حرب، إلا أن الأمر انتهى إلى صلح. صلح الحديبية والذي ينص على عشر سنين هدنة بلا قتال، وكان من شروط الصلح ان يعود النبي هو وصحابته إلى المدينة من حيث اتى ولا يدخل مكة هذا العام ويعود في العام التالي ليعتمر ويزور البيت الحرام.. ووافق النبي على شروط الكفار، ولم يتعنت، وسار عائدا أكثر من 500 كيلو دون أن يقضي العمرة واكتفى بالصلح.

وفي عام 7 هـ ذهب ليعتمر، وبعد أن انتهى رغب في خطبة السيدة ميمونة بنت الحارث من بني عامر، وكان يريد إتمام العرس هناك في مكة بين ظهور المشركين، أهله قبل أي شيء، والذين حاربوه وأخرجوه وأذوه، ولم يجد في ذلك حرجا.

وقال لهم دعوني أقيم عرسا، وأصنع وليمة، وأعد اللحم وصنوف الطعام لكم ولنا، ليكون فرحا للجميع، ولتكون بادرة سلام تمحي سنوات القتال والخصومة.
فالمشكلة لم تكن في الكفر، في المقام الاول، بين الرسول وبينهم، بل في اعلان الحرب على الاسلام وتضييق الخناق على المسلمين وتعذيب أهله واحتقار ناسه وسلبهم الحق في الاعتقاد والحرية في اختيار الدين. ولو زالت تلك الأسباب، توقفت الحرب وعاد الناس الى المودة، مع اختلاف الأديان.

وانتهز الرسول الفرصة و تقدم بمبادرة سلام، على هيئة زواج. فرح. ووليمة طعام، ومباركات، وضحك وكلام، ومشاركة مسلمين وكافرين. والنبي يرحب بالجميع.

لكنهم رفضوا.. وأخرجوه من مكة بعد ثلاثة أيام وفقا للاتفاق.

فهل تشبه أحدهم بالنبي محمد وأعد وليمة طعام لبعض الكفار، رغبة في المحبة والتواصل الانساني، لنبذ العنف ووقف العداء..!

3)
في المدينة، كان اليهود يمرون علي رسول الله و يستهزئون به، وهو حاكم البلدة، ويقولون السام عليك، أي الموت عليك، تحريفا لها عن السلام عليك، وهو يعلم، ولكن لا يعلق ولا يثير المشاكل ولا يدخل في جدل أحمق مع بعض المعاتيه صغار العقول والنفوس، ويكتفي بقول: وعليكم.

ولكن السيدة عائشة سمعت مقالهم، فردت عليهم بأغلظ الكلام وقامت تدافع عن زوجها وقالت: لعنكم الله وغضب عليكم.

فغضب الرسول وأنكر على عائشة قولها، وقال لها يعلمها خلق الاسلام:

"يا عائشة عليك بالرفق، و إياك والعنف أو الفحش."

يأمرها بالرفق مع اليهود! وينهاها عن الفحش والعنف اللفظي، ضد معاتيه متطاولون على جلال النبي و لا يملكون الحد الأدنى من الادب.

لتكون وصيته الباقية، دافعوا عن النبي بالرفق قبل العنف. وباللين والرقي قبل الفحش والعنف.

4)
تحكي بعض الآيات في سورة آل عمران، عن واقع بعض المؤمنين أصحاب النبي في المدينة أنهم يتخذون بعض اليهود والمنافقين أصحابا شديدي القرب يميلون لهم بالمودة والحب والإفضاء بأدق الاسرار.. فلامهم الله ونهاهم عن ذلك، وكان السبب الرئيسي أن هؤلاء يبطنون العداء والكراهية للمسلمين ولا يبادلوهم نفس درجة الحب والصفاء. وأنهم لا يكفون عن طعنهم من ظهورهم وإيذائهم وتربص الشر لهم فيكونوا العدو الأكبر لأنهم يعلمون عنهم أدق التفاصيل.

الملاحظة المهمة هنا، أن الله قال للمؤمنين، ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم.

فالمؤمنين الاوائل أهل المدينة وصحابة الرسول لم يجدوا حرجا في "حب" أهل الكتاب من اليهود، أو صداقتهم والسكون لهم، وعندما جاء العتاب من الله كان لأن هؤلاء ليسوا أهل ثقة ولا يحفظون قيم الصداقة والاخلاص. وأنهم أول من يطعنون المسلمين من ظهورهم. وهي عيوب شخصية انسانية وليست خصومة دينية، ومن الطبيعي عندما يكون صديقك بهذا السوء فيجب عليك التخلص منه حتى لا يضرك.

إذن فمشاعر "المحبة" كما وصفها القرآن حدثت بين المسلمين وأهل الكتاب في المدينة. والتحفظ الوحيد للقرآن أن هؤلاء الاشخاص ليسوا أهل ثقة. فالنهي كان حول سلوك الاشخاص وليس دينهم.

والأهم من ذلك أنه لم يكن هناك أي نهي للمسلمين من الرسول أن يتورطوا في هذه العلاقات. فالرسول ذهب إلى المدينة وانفتح على الجميع. ولم يعش منعزلا بين جماعته. لكنهم من بادروه بالعداء والخيانة والاستهزاء. وبذلك تكون كافة الاحاديث النبوية الواردة في خصومة أهل الكتاب مرتبطة بأشخاص بعينهم، وليس بدين بعينه، وهي نتيجة لتلك هذه المواقف الخاصة وليست عامة تحكم العلاقة ككل.

الآيات من سورة آل عمران:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ..
هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)

لاحظ كلمات الآية.. لا يألونكم خبالا: أي لا يدخروا جهدا في الإيذاء والضرر.. ودوا ما عنتم: أي ودوا لكم المشقة والتعب.. قد بدت البغضاء من أفواههم.. ثم، ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم.. وهم يتخذون المؤمنين هزوا ولعبا، ويخادعوهم، فيظهرون الايمان تارة ويكفرون به تارة أخرى.

الملاحظ أن المؤمنين الأوائل كانوا أقرب إلى الطيبة وصفاء النية والميل إلى المحبة والتقرب من الجميع، وإخلاص الصداقة لهم، ولم يكونوا غلاظا منفرين يبادرون الآخرين الكراهية والعنف، بينما الأخرون كانوا هم الفاسدين والمتحللين أخلاقيا والأكثر انحرافا وكذبا.. فلو تريد التشبه "بالسلف الصالح" فعليك أن تكون الأكثر حبا وإخلاصا للجميع.

واختلف البعض في تفسيرها فقال نزلت في اليهود. وقال فريق ثان نزلت في المنافقين..

فالله لم ينهى المؤمنين عن حب أحد. بل نهى عن ناس كريهة سيئة الاخلاق تكذب على المؤمنين وتخدعهم ولا تكف عن الضرر والايذاء.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...